هل للياسمين بذور؟
أودّع الشمس كلما اقترب الغروب
لعلها لن تشرق على صباح غدي
ليس لي إلا أمنيات قليلة
أبثها من ها هنا
قلبي لها
عيني ترقرق دمعها
وهي تنظر باتجاه الجنوب
نحو البعيد / القريب
على يميني البحر
يبتلع العمر والصبر
ويعرف كل الأسرار
لا يوقفه أي جدار
حواجز الذلّ والعار
يقول: ولا تخترقني النار !!
:
:
حدّثني البحر بصخب
قال
هم عاجزون عن وضع
الحدّ لحدّي
لا يستطيعون منعي
أو سفري
لا أحتاج إلى
جوازاتهم
أختامهم
اذوناتهم
أرفض أوامرهم
ولا أبالغ في التحدي
أنا وموجي ونسائمي الحرة
وأسرار رسائل العشاق
ودموع الحيارى المغرمين
تبللني
تزيد من مائي
من ملحي
من حسني
تزيد من غضبي
إذا كانت دموع العاجزين
،
أتشتاق إليها أيها الوجه الحزين ؟
حمِّلني رسائلك إليها فأنا الأمين !
أنا الأمين !!
حدّثني البحر وأخبرني
عن زهر الكرم
وأغصان الزيتون
ما زال الجذر قويا
يأخذ طريقه للصعود
إلى الأعماق
والأرض على عهدها
تَبّتَلِعُ ولا تُبْتَلَعْ ؟
،
أخبرني البحر وأخبرني
عن مراكب مكسورة القلاع
عن صواري مزقت
أشرعتها الرياح
عن جثث بحّارة
ما زالت أياديهم
تقبض على المجداف
يقول البحر :
تقاوم الريح ولا تغرق .
سألته عن نصف روحي
التائهة عني دهرا
فاخبرني بما كنت لا اتوقع !
فغُصْتُ بأعماقه حبا
وشكرا
وعانقت بنصفها الثاني أمواجه
موجة أحمّلها سلامي
وأخرى وجعي وشوقي
وموجة تحمل دمعي
ولا يتلاشى
قالت من قبل عِشْتار
وبالغت
هو بحر ماؤُه
قد تكوّن من دمع العيون
من أوجاع الصبايا
من آهات المطايا
من خيام المشرّدين
والطفل الرضيع
صار بحر الدموع
من عهد رؤى عينيها
من عهد أول الأقداس
حتى آخر الأنبياء النازحين
حدثني البحر وحدثني
عن جدران بيوتنا العتيقة
سألته فقال صامدة .
والياسمينة ؟
- غطّت النوافذ والشرفات
وحيطان كل البيوت
وصلت حتى سعف النخيل
وخيمت على أرصفة الشوارع
فوق المقاهي
والملاعب
ودفاتر الأطفال
و فوق رأس
العابرين
وصلت حتى المآذن
والله أكبر
تطوف بعطرها
الله أكبر
كم صار عمرها ؟
حدثني البحر وحدثني
ثم صمت
بكى
بللتني دموعه
مد يده وقال
ذات صباح
وعلى شاطئ الرمل بحيفا
مكسر أمواج وصندوق البريد
وجدت سطرين مكتوبين
بخط يدها تقول لك فيها :
قتلني اثنان: غيابكم والمحتل
فهذه بذوري لك أمانة
احفظها حتى لو
في بؤبؤ عينيك
فالعابر لا يعرف
أن للياسمين بذور
ستنبت يوما
على ايادي أبناء الأرض