09 / 07 / 2014 الساعة : 37 : 12 AM
http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=27578
لا شك أن مصر وبعد سقوط نظام مبارك اتجهت نحو محاولات جديدة لتغيير وجهة الدور
الذي سوف يحدده تجاربها السياسية المتتابعة ومع كل تغيير طرأ على نظامها خلال السنوات الماضية
كانت تبوء معظم تجاربها بالفشل الذريع ؛ فمع بدايات الحراك الشعبي الذي سُيطر عليه بسرعة وفُرضت علي
ه " العقلنة " واقتصرت شعارات " الثورة الشعبية " الأولى التي طرحت أهداف ثلاث " عيش حرية كرامة وطنية "
على اثنين منها وسرعان خفت صوت مطلقي الشعار الثالث تماما واستُبعد ذكر كلمة " إسرائيل " من المنصات
وكأن لا وجود لسفارة على بعد مئات المتار لكيان هو عدو الشعب المصري بمعظمه لم تُرمى بحجر واح
د في حين أن مؤسسات الدولة كانت تحترق !
لم يكن مفاجئا للكثير من الناس الذين يعرفون تاريخ " الإخوان " الحقيقي ( ومنهم كان في قيادة الإخوان لعقود )
أقول يعرفون انتهازية معظم قياداتهم وأنهم عند " المصلحة " يلّوون ذراع حتى آيات الذكر الحكيم ليحكموا فاطمأنت أمريكا
( راعية الحرية والتغيير ) إلى موقفهم " الشجاع " واطمأنت اليهم أكثر مما كان مع النظام " المباركي " البائد ،
وفجأة لاحظنا كيف أمرت واشنطن منظومتها المخابراتية والإعلامية بالتسويق لحزب الإخوان “ انفتاحه، تقدمه "
حتى وصل الأمر بالحديث عن علمانية وتقدمية قياداته الجديدة – وحدث ما حدث !
بعد أن وصول الإخوان إلى الحكم كان الاطمئنان قد وصل أيضا إلى قلوب وعقول زعماء الكيان الإسرائيلي فعبروا
عن رضاهم خصوصا بعد رسالة الرئيس مرسي العاطفية "للعزيز" بيريز حيث تبين للغرب كله بأن مصر لن يكون
لها دور مستقل خارج السرب الدولي فخطا مرسي اول خطواته ومنسجما مع الانفتاح الأمريكي على طهران فزارها
ومنها أطلق سموم تصريحاته المذهبية، ومنها أعلن تأييده للعصابات الإرهابية في سوريا فبدا عضوا في " جبهة النصرة "
أكثر منه رئيس لأكبر دولة عربية!
في نفس الوقت ، وعلى المقلب الآخر الغزاوي كان يحدث انقلاب من نوع آخر، حيث قامت حماس بقيادة السيد خالد مشعل
وبدعم من اخوان مصر بالانقلاب على حليفها السابق في دمشق وأخذت تتلقى الجوائز من مشيخات وممالك الخليج ومن
سلطان تركيا الكبير أردوغان ..وفي الوقت الذي رفع فيه مشعل علم الانتداب الفرنسي على مسرح خطابي في غزة والذي
يرمز " لثوار " سوريا كانت أوامره " لثوار " حماس في مخيم اليرموك تصل ليفتحوا الطريق أولا للمسلحين الغرباء وعصابات
القتل إلى المخيم ثم الانخراط معهم بقتال الجيش السوري وحلفاءه من التنظيمات الحليفة لدمشق مباشرة الأمر الذي قد جعل قسم
كبير من الحمساويين يعيشون حلم عصر الإخوان وقسم كان يعاني الصمت إن تحدث يُرجم ويُلقى عليه الحِرمان .. فساد الهدوء
على جبهة كانت تتهم عرفات ومن بعده عباس بالخيانة إن ساد فيها الهدوء على يديهم!
ثم حدث ما حدث أيضا وتغير المشهد من جديد وكان لصمود النظام في سوريا / حقيقة يجب أن تقال / أثرا كبيرا على مجر
ى الساحة الإقليمية والدولية ساهمت في سقوط الإخوان بالضربة القاضية واعتلى جيش مصر السلطة كأمر حتمي لمسار التاريخ وأحداثه !
حين فاز السيسي بالرئاسة توقع المراقبون أن زيارته الأولى سوف تكون لمملكة السعادة التي كان لها تصفية حساب مع الإخوان
/ أو هكذا ظهر / ولكن من يعرف سياسة " الاحتواء " التي تتقنها واشنطن يعرف أن موقف الرياض تجاه مصر ليس لموقف مبدئي
تجاه " الإخوان " وليس لموقف مبدئ مع شعب مصر الغني الفقير بل هو موقف احتواء لسياسة الرئيس السيسي
الذي أوضح في خطاب القسم : " أن مصر قلب العروبة النابض ، ومنارة العالم الإسلامي ،ومركز إشعاع علوم الدين "
يكفي أن تُذكر هذه العناوين حتى نعرف مضمون الرسالة تماما ونعرف إلى أي اتجاه سوف تذهب مصر فبدأت عملية الاختبار !
كانت التسريبات الصحفية " والمخابراتية " تقول أن الرئيس المصري سيزور السعودية ففوجئنا أن العاهل السعودي
المريض يطير نحو القاهرة ويلتقي السيسي الذي كما يبدو سيعمل على إعادة " دور مصر المهدور " وكانت زيارته
العربية الأولى لدولة عربية زيارة أي رئيس مصري لها تحمل مدلولات تاريخية عميقة وتؤشر إلى أي وجهة مصر سوف
تتجه مصر بغض النظر عن مبررات تلك الزيارة التي لو دققنا فيها لدعمت ما نشير اليه ( قيل أن الرئيس السيسي سيبحث
تزويد مصر بالغاز الجزائري )
فبالنسبة للغرب وللعدو الإسرائيلي هو مؤشر خطر، أعدت إسرائيل عدة مواجهته مع الأسف على أرض غزة والتي منها
/ من معركتها اليوم / سوف تختبر توجهات مصر الخارجية وتوجه نظامها الجديد أو توجه له إهانة تحتاجها إسرائيل ولا
تُزعج حماس " المتشفية " والرسالة تقول : ماذا فاعل انت ونظامك ، فنحن نقتل ونضرب ولا حراك لك ، ولا شيء غير
إلا أن تكون وسيطا كما مصر مبارك ومصر مرسي !
يبدو أن الحكم في مصر قد أدرك هذه اللعبة إذ لا حراك مصري أو تدخل كوسيط الأمر الذي سوف يدفع بنتنياهو إلى مزيد من
الضغط ومزيد من الإجرام وسوف لن يجد من ينزله عن شجرة العدوان في مصر وربما في واشنطن أيضا ..
ولن تجد حماس من يقيها الضربات سياسيا ولا عاد باستطاعتها المناورة على حركة الجهاد الإسلامي وإيقاف صواريخها
السورية الإيرانية المتصاعدة / فهي فرصة لإعادة وصل غزة بدمشق وطهران وربما كان ذلك إعادة لتموضع حماس من جديد!
والضحية في هذا الصراع هو شعبنا المظلوم الذي لا يعرف ما هو النهج السائد في هذه الأيام: مفاوضات مقاومة أو مقاومة مفاوضات ؟!