عندما سألته، لماذا هذا العنوان :
" أنا والليل " ؛
قال : بماذا يختلف ليلك عن ليالي
مليارات البشر ؟؟
والليل هو ليل كل الناس، يمر على كل إنسان منذ أن خلق الله النور والظُلمة
قلت لا؛ هو لا يختلف، ولكن .. لكل ٍ قصته مع الليل، آلامٍ ودموع، أسرارٌ وخبايا ، وجدٌ ومناجاة، وحدة أسى وهموم لا يعرفها سواه،
يا صديقي، لكل ٍ ليله الذي يشكو منه إليه؛ فليلنا، يعرفنا وأكثر:
متى نضعف، متى نُغرى؛ متى نجنح إلى صمتنا وسكونه، متى يخطر لنا التأمل في عتمته
الموحشة ، ومتى نكون إلى الله أقرب!
الليل يا صديقي يأتينا أحيانا بالشيطان حينما تهجرنا الشجاعة، نصادقه ونمارس كل الموبقات باسمه و برضانا!
وهو لا يأتي متخفيا أو مموها بل يأتي سافرا، لا يتمهل كما الغاسقين، ولا يتأخر مثل" زوار الفجر "
لكنه مع الشجعان، يمارس الغدر مستفيدا من ضياع قدرتهم على الرؤية في عتمة الليل البهيم !
فالليل يا صديقي يعرفنا وأكثر.
في ليلنا نشكو حبيبا قد هجر، نبكي قسوة غربتنا، ووحشة السفر، نبتهل ، ندعو السماء لشفاء مريض يحتضر
نستحضر خلاله ضمائرنا !
نرى كم عميق هذا الكون حين نتطلع نحو السماء فنرى عظمة ما صنع الخالق.
فأنا والليل على موعد دائم ، في كل ليلة، وفي كل الظروف ، في مختلف الفصول، لا يعوقني اللقاء به
رعود ولا عواصف، ولا أقسى ما يهطل من مطر.
في عتمته تتراءى لي أحداثا و قصصا كثيرة، مثيرة، ابتدأت منذ لحظات مولدي!
حكايات صنعت معظم الأحداث الهامة في كل عمري؛ ساهمت في صنع شخصيتي البسيطة؛
اختبرتُ فيه صدقي مع نفسي رغم صعوبة هذا الصدق وقسوته ، إلا أن ذلك قد سهّلَ عليّ سلوك طريق الصدق مع الآخرين .
تعلمت معظم دروس الحياة في ظلماته ، فكشف لي الكثير من الأسرار، إن سمح لي، سأرويها ،
فهذا يا صديقي ليلي ! فاكتبني كما أريد : أنا وليلي " أنا والليل ".
أرأيت كم هو واسع وكبير هذا الليل؟
أرحني قليلا دعني أبدأ في سرد الرواية .