(( تأملات لزمن قادم ))
قديم بتاريخ : 08 / 04 / 2014 الساعة : 39 : 04 AM
مرّت عليّ مدة طويلة لم أكتب فيها مقال في السياسة تساءل أحد أصدقائي عن السبب وقال هل صدئ عقلك ؟ فأجبته إجابة لا تخلو من الادعاء والغرور فقلت : يا صديقي إني أكتب عن الحدث قبل وقوعه ! قال عفوا ، هل استبدلوك بالسيدة " ليلى عبد اللطيف "؟ قلت لا ، ولكني من مدرستها !! – أي مدرسة تقصد ؟
قلت : ما علينا ، صنفها ما شئت ؛ مدرسة عقل ، حزب ، مخابرات ، مؤسسة دراسات تعمل بالقطعة ، شركة أدوية ، قل أي شيء ، ولكن حذاري القول انها مدرسة التنجيم والعلم بالغيب !
- ولكنك لم تجب عن سؤالي ، أولم تتغير الأمور وتتبدل في السنتين الماضيتين لتتحنن وتتعطف وتكتب وتغيّر رأيك يا فهمان ؟! أخبركم بأن صديقي كان متشفيا متهكما ومتحديا في نفس الوقت فقلت :
يا صديقي العزيز والمحترم ، حينما نكتب في الشأن العام ونضع النقاط على الحروف يأتي بعض العجزة ليشخصنوا موضوعك كما تفعل أنت ، لأني أعتقد وقد أكون على صواب أن بعض الكلم يهدم بعض القناعات، والبعض يكشف بعض العورات، وبعض البعض منه يعمل اهتزازات ، ويفضح اللامبدئيات والمواقف بلا ثبات ؛ وبالتالي تظهر ضحالة الأفكار وان الذي كان ليس حديث في السياسية بل من أجل النقار، ويبقون في سجون الأوهام ويسقط عنهم يا حبيب الوقار، ويعري بعض أكاذيبهم بادعائهم وأنهم ليسوا ثوار ولا حتى أحرار!
صفق مدّعوا " الثورة " منهم ، منذ البداية لمن هم أعداء الثورة والكادحون ، وادعى " المتمركس " منهم وهلل للذين قالت فيهم الماركسية ما قلته أنا في بني صهيون !
قاطعني صديقي وقال : ها أنت تقوم بفعل شيء نهيت عنه يا مجنون ؛ كل فرد حرّ في رأيه تمام ولا كلامي مطعون ؟
قلت تمام وابتسام على شفتي ، وأسالك يا حنون : أنت تعرفني منذ 50 عاما هل بدّلت جلدي أو انحرفت عن مبدأي أو غيّرت رأيي في قضية لا تهون ؟!
قال لا ، لكنك لم تتطور وتصبح من المتقدمون ؟!
فقلت ما هو التطور في رأيك يا ملعون؟
خَلعْتُ من الثورة أو خلعتني قبل غيري بعدما عجزت أنا ومن هم مثلي وماعانيناه من المنحرفون ! ، خلعت من الأحزاب أو خلعتني بعدما كنت ومن هم مثلي الصوت الذي يهز الرفاق ويحرك بواسيرهم ونوبات الكلى ومنا كانوا يبكون !
قالوا كما قلت أنت " لا نتطور ". قلنا فلسطين. قالوا أنتم غير واقعيون ، قلنا " المقاومة " قالوا انتم عملاء لاعقوا أحذية العسكر .
و اتحفني أحدهم مرّة وقال يا " زحفطون "
أنت مع حزب الشيطان ، يا شبّيح ، أبو جندل وأبو جندب بانتظارك ورأسك عن جسمك سيفصلون !
لم أتطور ..؟ !
كان من الواجب عليك يا عزيزي قراءة ما كتبت منذ بداية ما سُمي بالثورات ومناخات الربيع ، خصوصا ما تعلق بسوريا المسألة التي ركزت عليها كما غيري لأن " تحالف الثوار " قد جعلوها القضية الأبرز في حياتهم لن تضيع !
كانت قِبلتهم قبل العنف ومع العنف قبل الكيماوي وبعد الذبح وأكل الكبود .. و " الثوار" قد حلفوا بالرب المعبود أن يقطعوا مع رأس المعري شجرة حتى لو تفيأ في ظلها النبي هود ، ولو امتد تحالفهم
من أصغر زاروب في " ضيعة ضايعة " ومرّ في غطرالعظمى والرياض صاحبة النخوة ( فلسطين استثناء ) وإسطنبول بني عثمان واردوغاني وتل ابيب أرض الشجعان ، حتى واشنطن " عاصمة المجاهدين كفاحا و كل من توكل على الله والتحى ، وكل من أحبت الجهاد في سبيل الله نكاحا !
إن كان جميع هؤلاء ، سوريا عنت لهم ، فماذا عني أنا السوري .. أي والله سوري، مولود في حيفا وأبي كان من الموقعين على وثيقة ذُيلت بعبارة: نحن أبناء جنوب سوريا " نرفض كذا وكذا وكذا !
نعم يا سيدي : فهل كان علي أن أكذب منذ البداية وانضم إلى فرق الببغاوات وأقول أن الدولة ستسقط بعد شهرين ، أربعة ، عشرة ، سنة ، فتهلل لي وتصفق ؟ أكان عليّ أن أقول " حكم الإخوان " بزعامة اروغان سيقضي على العرب وترتفع راية الإسلام ، تمام التمام ؟ خصوصا حين أنخي وامجد حبيبنا أوباما ابن حسين الهمام ، ليأتي وحكما لم يكن ليشرفنا بسرب حمام ؟
أكان عليّ التصفيق لمشعل في امارته بغزة وهو يرفع علم تبرأ منه السوريون في ماضيهم وأصفق حين يلقي بجثث أبناء فتح ليهنأ وحده دون فلسطين بعدما خدعني وحدثني عن التحرير والإسلام ؟
أم كان عليّ تمجيد عمليات التدمير الذاتي في العراق أمتدح شخصا واتهم شعبا وكان عليّ القول بأن ليبيا بعد غزوها لن تُقسّم و كان عليّ أن أقول " الكرسي ستدوم لمرسي " ولتحرق مصر بكنائسها وصوامعها والنصر للإخوان ؟!
أنا يا صديقي قبل أن اتوقف عن الكتابة في السياسة نخيتك ، استنجدت بهمتك ، راهنت على أكذوبة أنك مثقف، فلم أسمع صوتك ، حتى ولا همسك ، وصرت الآن ، وبعد كل ما جرى تندب حظك ؟!
اليوم السابع من نيسان هو يوم مولدي، وقد بلغت السبعين تماما هذا اليوم ، لم اقضي هذا العمر بمركب سياحي ولا خلف مكتب ولا مشيت فيه بجانب " الحيط " لم أضع يوما في ياقتي ربطة عنق ولا سلمت جيدي يوما لأحد ، لم أحني ظهري إلا لسيدة حين أقبل يدها ، لم أعر قلمي يوما وحافظت عليه بلا انكسار ، أنظر بعينيك واقرأ قبل اتهامي بعدم التطور والانهزام .
لا اعرف لماذا كتبت ما كتبت .. هو ليس ضدك إنما هي صرخة وجدان قبل استئناف الكلام في السياسة كما تحب فأصحي يا مُحب ان كنت نعسان او قل مجرد هذيان .