سألتني أستاذة أديبة وقالت :
( ما أثار اهتمامي حقاً في مقالك الأدبي .. هو هذا الشعور الذي إنتابك حين اتهمت َ بالسرقة الأدبية (( المهم / أنا اتحدث عن شعور الشخص المسروق / وجدت نفسي طائرا من السعادة ، فرحت كثيرا بالمواجهة !))
((دون زعل واستميحك عذرا)) سيدي الفاضل .. أخي رأفت ، عن أي سعادة تتحدث .. وجهدك قد سرق ونُسب لغيرك ! )
سؤالك الذي لو لم تسألينني عنه لاستغربت في قولي
إني سعيد بعدما سُرقت ولا تضعين علامة تعجب أو تضحكين عليّ كما ضحك الناس على " جحا "
يحمد الله بعد سرقة عباءته سُأل فقال خيرا أني لم أكن ألبسها " هههه
هي حالة خاصة سيدتي ولا أقول شاذة ، ذلك أني نوهت منذ البداية وقلت ليس عندي ما يُسرق ،
اجتهدت بموضوع خاص له مدلوله التاريخي في الزمان والمكان .. فصار بالنسبة إلى جمهور
معظم المسلمين جزءً من " الديني " حيث يعترف كل من يملك بصيرة أن القصّ يحتاج إلى تحقيق
بعدما شابه الكثير عبر الزمن فاختلفت الأقاويل وتعددت الروايات ورواتها ، وصارت مركز نمو
للمبالغات والأساطير واختلط الديني بالقص الشعبي في مختلف النواحي والأمصار . أخذت تلك القصة
وعرضتها على العقل والمنطق والتاريخ والجغرافيا ، وكنت كمن يمشي حافي القدمين في حقل ملأت
أرضة بالشوك في آخر الصيف ونشرت تلك الاستنتاجات وكانت تلك – ربما – فريدة في طرحها ونلت
ما نلت من الجهلاء واستحسانا من بعض المحسوبين على التيار الاسلامي حيث عبر أحد الأساتذة
الجامعيين عن اعجابه واحترامه وصرح بأنه طبعا لا يوافق على ما ورد حتى جاء الوقت الذي وجدت فيه
( بتلك المصادفة ) أن الموضوع منشور " كأفكار خلآقة " قابلة للنقاش . هذا الذي اسعدني ومن
منطلق تعميم الفكرة ولو على حساب الذات !
وللعلم : أنا نشرت الموضوع مختصرا ومكثفا هنا ولم أستغرب أنه لم يلقى تعليقا واحدا ولو من باب الرفض !
http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=20793
أخبرك سيدتي أن لي تجارب مريرة في هذا المجال أيضا
كنت محاضرا في أحد الأحزاب " القومية " بين وقت وآخر تلمع في رأسي فكرة للتطوير تطال بالنقد
إما ناحية في نظرية الحزب نفسه واستبدالها بفكرة أخرى ، أو تغيير في بند من بنود نظام الحزب الداخلي ،
كنت أطرح الفكرة مع أفراد وأناقشها معهم قبل طرحها في مؤتمر عام حتى تلقى رواجا وقبولا وأسهل على
البعض استيعابها ؛ فأجد من يسبقني إلى طرح تلك الأفكار فتسقط وتموت لأن من ادعاها فشل في الدفاع
عن مكوناتها ، دوافعها ومدلولاتها ، لأنه ليس صاحب الفكرة وعجز عن فكّ أسرار بنيتها المتناسقة !
والأصعب من ذلك؛ يشهد الله أن بعض الأشخاص يعيدون طرح الفكرة عليّ وينسون في أقل من شهر
بأني من خلقها وعرضها عليهم ؛ هنا ، أصف لك شعوري بأنه حزين ومؤلم .. وعندما تحاججنهم في
الأمر يصيرون غاية في الوقاحة " هي الأفكار حِكر عليك يا سوسلوف عصرك ؟ "
هنا تألمت لأن الفكرة خاصة تعني مؤسسة خاصة الفرد فيها وقوته الفكرية وشخصيته القيادية ،
أما هناك هو جهد ذهني لنقد حالة عامّة الحديث فيها ممنوع أو محتكر أو امامه عقبات الدنيا
ما يجعل الفرد يذكر الله احتياطا مع كل حرف أو يكتب باسم مستعار لذلك كنت سعيد .
أنا معك سيدتي بانه سيف ذو حدين ولذلك نوهت بجهد السارقين المبذول في تمويه سرقاتهم
وكان علي بالفعل كتابة ما اقترحت سيدتي فهو الأنسب : " سرقة تتفوق على إبداع.. "
: